Saturday, May 26, 2007

صبحية




درجت على الذهاب إلى دبي كل خميس وجمعة لقضاء العطلة هناك عند أقاربي ومع أصدقائي ..
و لكن وبعد شهرين متواصلين من قضاء العطلة في دبي أحسست بحاجة كبيرة للراحة و التفرغ لنفسي قليلاً .
قررت هذا الأسبوع أن أقضي عطلتي في مكانين أحبهما كثيراً و أنا فعلاً بحاجة لهما الآن
المكان الأول هو سريري تحت بطانيتي "الزهرية الناعمةاللي بتدفي" و هذا اسم بطانيتي و ذلك لأستمتع بالقراءة و هي العمل الأهم في حياتي اليومية و المكان الثاني هو الصالون و أعتقد أن كل الفتيات يحببن قضاء وقت في صالونات الحلاقة ... و لا أقول أنهما المكانان المفضلان و لكن أحبهما و أنا بحاجتهما هذه الأيام!!
و فعلاً يوم الخميس بعد أن عدت من عملي و كنت متشوقة لسريري فأنا محرومة من النوم ظهراً بسبب دوامي الطويل و لكن يوم الخميس أنهي عملي في الساعة الثانية ظهراً .. نزلت تحت بطانيتي و أمسكت رواية باولو كويلو في يدي و لكن لم أقرأ و إنما سرحت ... هناك موضوع يشغلني منذ فترة... و هو ما بدأت أفكر به حيث أني يوم الخميس أملك الوقت للتفكير ..
الموضوع هو السعادة ..!! السعادة كلمة كبيرة جداً و يصعب تعريفها ... سألت نفسي عدة مرات .. هل أنت سعيدة الآن .. طيب أوكي أنا سعيدة .. هل ستكونين سعيدة في المستقبل مع كل ما رسمته لنفسك من مخططات .. لا أعرف ؟؟ أرتعد خوفاً من مجرد التفكير بأني قد لا أكون سعيدة .. لأن الخيارات كلها بيدي و أنا اخترتها لمستقبلي و بإرادتي فإذا تبين لي في المستقبل أني لست سعيدة فبالتالي قراراتي كلها خاطئة و لن يتحمل أحد غيري النتائج ...
دخلت دوامة من القلق و الإكتئاب .. حاولت النوم حيث كنت متشوقة له و لم أستطع .. كان الظلام قد حل .. أضأت شمعاً في غرفتي فأنا أحب الشموع و ضوءها و عندي كل الألوان و الروائح و الأشكال ..
أغلقت تلفوني لأنه سيبدأ بالرنين متى تجاوزت الثامنة مساء فهو يوم خميس و الأصدقاء متحمسون للخروج و السهر .. بدأت أحدث شمعاتي .. سألتها عن السعادة و المستقبل و الحب و الأمل ... لماذا يشغلني هذا الموضوع بهذا القدر و لماذا شاءت كل الظروف في هذه العطلة أن تتفق على موضوع واحد ..ماحدث معي نهار الجمعة لم يساعدني على التخلص من هذه التساؤلات .. أعترف أنه أنار لي درباً و لكنه عذبني بنفس الوقت ..
بعد صراع مرير مع الأرق , نمت يوم الخميس ربما في منتصف الليل و استيقظت يوم الجمعة في السابعة صباحاً , مشكلتي أنه لايمكنني النوم إن دخل ضوء و لو بسيط غرفتي .. و كنت قد نسيت إسدال الستائر ..
خرجت لأحضر جريدة الوسيط التي تصل كل جمعة و التقيت بصاحبة البيت التي أستأجر منها غرفة
للتنويه فقط: أستأجر غرفة واسعة و رائعة عند سيدة سورية و ابنتها ذات السبعة عشر عاماً , أحب غرفتي..
لم نجلس من قبل مع بعضنا .. لطالما اعتبرتها غريبة الأطوار .. كانت نشيطة جداً و صوتها مرتفع دائماً .. تموت إن زاد وزنها نصف كيلو .. تذهب للسباحة كل يوم لتفقد الوزن .. تأكل الكثير من الأعشاب الغريبة و تشرب أنواعاً غريبة من الخلطات ذات الروائح المقززة ..تضع ماسكات مختلفة الألوان و الأشكال على وجهها بالمختصر هي مهووسة بالحفاظ على صحتها و جمالها .. بصراحة و أنا أشعر بأنه علي عدم قول كلمة كهذه -بس بيناتنا-
,, لطالما اعتبرتها مجنونة.... و لكن كما يقال خذوا الحكمة من أفواه المجانين .
دار بيننا هذا الحديث : بدك تشربي قهوة؟ جاي ع بالي أشرب معك قهوة اليوم .. عندي قهوة من سورية و أنا ما بحب - بضم الحاء كونها حمصية- غير القهوة السورية .. قلتلها أوكي أنا عندي قهوة ماما بعتتلي ياها من سورية رح حضرها , اتفضلي .. يا مية السلامة .. (اقتبستها من الحماصنة.. عم سايرها يعني) ..
بدأت الحديث حطيلي ع روتانا سينما .. يقصف عمرا هاي الممثلة نور شايفة قديشا حلوة .. أبصر شو بتحط ع وشا.. سمعتي أنو هيفا وهبة غيرت مصمم أزياءا ... ليكي أنت بتعرفي إليسا شو بتستعمل لحتى يضل صدرا مشدود ... يخربيتو قتلها .. محمود عبد العزيز قتل هالة صدقي ... بتعرفي أنو إذا بتحطي خيار ع وشك كل يوم بيصير متل وش نانسي .... فففففففففففف ما رح كمل لأنو شي بملل .. أنا عم أسمع و مخي بمحل تاني تماماً .. قلت بيني و بين حالي ... نيالها ع القليلة مبسوطة بحياتها .. أحيانأ أنو يكون الواحد عقلو قليل أحسن ما يكون عندو مخ بيضل بنق عليه و يوجعو ... و فجأة طفت التلفزيون و سألتني .. أنت مبسوطة بحياتك ؟؟ تفاجأت !! صعقت من سؤالها .. ليس السؤال فحسب و إنما اللهجة و الصوت و النظرة .. من هذه ؟ هذه ليست جارتي التي أعرفها !!
و لماذا هذا السؤال ؟ هل تعرف ما أفكر به ؟ هل تعرف أن هذا السؤال هو ما يشغلني ؟ هل هي بصارة أو ساحرة!!
لم أجب.. سألتني ماذا تقرأين ؟ قلت لها ساحرة بورتوبيللو .. قالت ليس المهم عنوان الكتاب.. ماالموضوع ؟ أخبرتها فتاة تبحث عن السعادة أو الراحة أو الإكتفاء أو الإشباع ... لا أعرف لم أكمل الكتاب و لكن هذا ما اسشفيته إلى الآن .. قالت :
كيف يمكن لعقل الإنسان الصغير مقارنة بالحياة و الموت و الإيمان و السعادة أن يدرك الأفضل أو بالأحرى الأنسب و يتجه لاختياره .. مهما كان الإنسان ذكياً و خبيراً في الحياة و مهما كان مثقفاً و مطلعاً و مهما قرأ من كتب و شاهد من أفلام ومهما استشار من خبرات و أناس معمرين فلن يكفيه عقله لإتخاذ القرارات .. يحتاج الى الإحساس الى القلب الى الحدس الى ذلك الشي الداخلي الذي يخبرنا بالخطوة التالية ,, يخبرنا مرات بصوت منخفض جداً و لكن علينا التركيز لسماعه .. و هنا علينا التأمل و التواصل الروحاني مع الله حتى نصبح أكثر صفاءً و بالتالي يمكننا سماع ذلك الصوت المنخفض ..
كانت كلماتها تأتي من السماء .. أحسست أنها كلمات من نار أحرقتني و ألهبت في داخلي مشاعر غريبة ..
قلت لها .. ليش عم تقوليلي هيك هلق .؟ شو خطرلك ؟ قالتلي .. ما بعرف هيك خطرلي .. أنت ما بتعرفي عني شي بس بالمختصر أنا قضيت حياتي عم دور ع السعادة و اكتشفت بعد هالعمر أنو السعادة هيي الحب و العمر هوي الحب و الشباب و الصحة هني الحب ... لما بكون حاسة حالي أصغر و أحلى و مبسوطة من كل قلبي و عم أستمتع بنهاري بكل لحظة .. بكون عايشة قصة حب و لما بتشوفيني غير هيك ما بكون في بحياتي حب مع أنو مافي شي تاني بينقصني ... وأنا هلق عمري خمسين سنة و بعدني عم دور ع الحب ... السعادة برأيي هيي الحب.. وهيي و طالعة من باب غرفتي قالتلي .. أنا صرلي فترة عايشة بدون حب لأني خسرت الرجل اللي كان بحياتي بعد ما خانني .. و لما فكرت كتير أنو شو هوي سبيل استعادة سعادتي بعيداً عن شي أسمو حب .. ما عرفت .. اتجهت للتأمل و للتواصل مع الله و طلبت منو يدلني و رجع قلي روحي دوري ع الحب .. هونيك بتلاقي سعادتك .. و إذا أنت عم تدوري ع شي أسمو سعادة .. فما رح قلك حبي رح قلك اعملي جلسات تأمل و يوغا إذا فيكي و صلي لله و اطلبي منو بكل إيمان يدلك ع طريق السعادة و ما رح يخذلك .. مع أني من هلق بعرف الجواب بس ما حدا بيتعلم غير من كيسو (متل شعبي معناه لازم الشخص يعيش التجربة بنفسو حتى يتعلم)
المهم .. أنا ما بعرف كيف صدفت أنو جارتي اللي كانت مجنونة بنظري بتدخل بهاليوم عليي لتفتح معي الحديث اللي كان صرلو يومين عم يأرقني ... بس للصراحة ..في فكرة كتير مهمة من اللي حكتو ... الواحد إذا حافظ ع التواصل الروحاني بينو و بين ربه بأي طريقة كانت .. الصلاة السكون التأمل أي طريقة .. فإن هذا سوف يدله على طريق سعادته و أين تكمن ....